Monday, March 11, 2019

هل تعيد احتجاجات السودان والجزائر إحياء الربيع العربي من جديد؟

أعادت احتجاجات السودان المستمرة منذ قرابة ثلاثة أشهر والمطالبة بتغيير حقيقي في البلاد، ونظيرتها في الجزائر الرافضة لإعادة ترشح الرئيس بوتفليقة لعهدة خامسة، أعادت النقاش من جديد حول إمكانية بعث ربيع عربي جديد، يعتقد كثيرون أن قطاره توقف نهائيا في سوريا.
وأجبرت احتجاجات السودانيين الرئيس عمر البشير، على إعلان حالة الطوارئ في البلاد لمدة عام كامل، وتعيين نائب له هو وزير الدفاع، عوض بن عوف، وحل حكومة الوفاق الوطني، وتسمية حكام ولايات جدد يغلب عليهم الطابع العسكري، أملا في إخماد زخم الحراك المطالب بنهاية حكمه.
واندلعت شرارة حراك السودان على خلفية سوء الأوضاع الاقتصادية وارتفاع الأسعار، إلا أن الاحتجاجات ما لبثت أن اتسع نطاقها واتخذت بعدا سياسيا، مطالبة بإنهاء حكم البشير الذي استمر لقرابة ثلاثين عاما.
وطلب الرئيس السوداني، على إثر اتساع رقعة الاحتجاجات، من البرلمان تأجيل مناقشة تعديلات دستورية كانت تسمح له بإعادة الترشح لفترات رئاسية جديدة خلافا لما ينص عليه دستور 2005.
وفي الجزائر، على خلفية احتجاجات غير مسبوقة رافضة لترشح الرئيس الجزائري لعهدة خامسة، تعهد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، في رسالة تلاها مدير حملته الانتخابية، عبد الغني زعلان، بتنظيم انتخابات رئاسية مبكرة بعد عام واحد وعدم ترشحه فيها، حال نجاحه في انتخابات ابريل/ نيسان 2019.
كما أعلنت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي تقديم موعد العطلة الدراسة في الجامعات على أن تبدأ اعتبارا من الأحد 10 مارس/آذار، خلافا لما كان مقررا مسبقا وهو أن تبدأ العطلة الخمس 21 مارس/آذار 2019. ويرى متظاهرون أن الهدف من قرار تقديم موعد عطلة الربيع هو محاولة التأثير في حجم الحراك الطلابي.
ويعاني الرئيس الجزائري من صعوبات في الحركة والكلام إثر تعرضه لجلطة دماغية عام 2013.
وفي حديث مع بي بي سي عربي، يقول الدكتور محمد هنيد، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة السوربون، إن "الثورات الشعبية التحررية تنتقل سريعا بين الشعوب، تهدأ بعض الاحيان تخفق هنا وهناك، وتتعلم كل ثورة من سابقتها وتتأثر بها، تمر بمنعرجات ولكنها لا تموت".
ويضيف هنيد أن "روح الربيع العربي لا تزال مستمرة كما أظهرت الاحتجاجات الكبيرة في الجزائر والسودان".
ويرى هنيد أن "ظهور موجات جديدة من الاحتجاجات كل بضعة أشهر، يثبت أن الحراك الشعبي الذي بدأ قبل ثماني سنوات لا يزال ملتهبا، فالشعوب العربية لا تزال قادرة على إيجاد طرق سلمية للتعبير عن غضبها. ولن تجدي نفعا محاولات التخويف التي تمارسها السلطات والقوى الإقليمية المضادة للربيع العربي".
وأخيرا يشير هنيد إلى أن "كل البلاد التي مرت بالربيع العربي، والتي لم تتحقق مطالب الربيع العربي بها مؤهلة لموجة جديدة، يمكن أن يحدث ذلك في مصر أو تونس أو ليبيا لتصحيح الإخفاقات التي جرت، وربما تمتد إلى بلدان أخرى لم تشهد الربيع العربي مثل موريتانيا والمغرب".
وفي حديث آخر مع بي بي سي عربي، يقول يسري حسين، الكاتب والمحلل السياسي، إن "أي موجة رفض للاستبداد والدكتاتورية يمكن أن تبعث رياح التغيير في البلدان المحيطة، لكن لكل بلد ظروفه الخاصة، فإذا كانت هناك ظروف موضوعية تتيح إعادة الربيع العربي، فيمكن أن نرى موجة جديدة منه".
ويضيف حسين أن "السودان تجربة خاصة لأن البشير ظل في الحكم فترة طويلة، كما أن الجزائر ونتيجة مرض الرئيس ووجود من يحكمون من خلف الستار تسبب في غضب الجزائريين".
ويؤكد حسين أنه "لا يمكن نقل تجربة شعب إلى شعب آخر، ففي مصر، عانى المصريون بعد ثورة يناير من حكم الإخوان مما قد يجعلهم يفكرون كثيرا قبل إقدامهم على ربيع عربي جديد".
ويقول حسين: "ليست كل الحركات التي تخرج للاحتجاج لديها أهداف سامية وتأتي بالديمقراطية، يجب الحذر من حالة الفوضى وتفكيك الدول الوطنية، إلا اذا كانت هناك بدائل واضحة تحافظ على تماسك الدولة وعدم الانجرار إلى العنف".
وأخيرا يشير حسين إلى "الأوضاع المأساوية التي جلبها الربيع العربي في دول مثل ليبيا واليمن".